الصور و الفيديو...
في نهاية الدرج الحجري الرطب، كانت هناك زنزانة تحت الأرض.
هبطت أراسيلا الدرج وبعدما سلم الجندي لها الشمعدان الفضي وغادر، خلعت مقدمة ردائها عن رأسها .
ومن خلال القضبان الحديدية، تمكنت من رؤية امرأة ترتدي ملابس سجن ممزقة و تجلس ببؤس، وعيناها مغمضتان في استسلام.
“أختي، لقد أتيت.”
“آري؟”
عند سماع صوت اختها المألوف عليها، فتحت إيريس عينيها بترنح وزحفت بطريقة خرقاء نحو القضبان.
وضعت أراسيلا الشمعدان على عجل على الأرض وركعت لتنظر لأختها في عينها.
“كيف وصلت إلى هنا…؟”
“لقد ساعدني فريدريك. آسفة لعدم الحضور مبكرا. لقد تأخرت بسبب التحقيقات المختلفة التي اجريها لاخرجك”
“لا عليك، شكرا لك على حضورك.”
من خلال الفجوة الضيقة للقضبان، شبكت الأخوات أيدي بعضهن ببعض.
وفي ضوء الشمعة الخافت، أصبحت ملامح إيريس أكثر وضوحا.
تعابير وجه أراسيلا تغيرت عندما فحصت جسد إيريس الجاف المغطى بالكدمات والجروح، وما اثار حزنها اكثر كان رؤية وجه اختها الهزيل خاليًا من الألوان.
“أوسكار فاندرمير، ذلك الوغد… لقد عانى الآخرون بسببه، لكن هل اختار الموت بسهولة وحده؟”
“أراسيلا…”
“لو لم يرتكب هذا اللقيط الخيانة، لما كنت هنا!”
صرخت أراسيلا بغضب شديد، وهي تعض شفتها السفلية.
تشكلت قطرات من الدم على شفتها المتورمة بسبب عضها المتكرر عليها.
ارتفعت الكراهية بوضوح في عيونها الدامعة فوق .
“كل هذا بسبب ذلك الوغد… لا! بسبب عائلتنا التي أجبرتك على الزواج منه!”
وبخت إيريس أختها بصوت متعب:”آري، اهدأي.”
على الرغم من جرها إلى هنا معًا وتعرضها للتعذيب القاسي بسبب خيانة زوجها، إلا أنها ظلت هادئة.
“زواجي كان لا مفر منه. وأنتِ تعرفين ذلك جيدًا.”
“نعم، أعلم! لقد كان زواجًا مدبرا تم الحنث به أمام الإمبراطور. ولكن كانت هناك طرق لإلغائه.”
“لم يكن هناك يا آري… لم يكن هناك حقًا…”
ابتسمت إيريس بشكل ضعيف بشفتيها الشاحبتين ثم ربتت أصابعها الضعيفة على يد أختها.
“ربما لم تعلمي ذلك، لكن أسلافنا طلبوا من الإمبراطور منح لقب فانديمير وممتلكاته للأبن الذي سيتزوج أولا . لذلك بغض النظر عما كنت ستحدثين، كان هذا الزواج سيستمر …”
عندما سمعت أراسيلا الحقيقة التي لم تعرفها من قبل، تجعد وجهها بعدم تصديق: “أليس هذا جنونًا؟ لماذا يستخدمون حفيدة عائلة آخرى كرهينة لجعل خلافة عائلتهم تستمر؟ إذا كانوا سيفعلون ذلك، كان ينبغي عليهم تربية حفيدهم بشكل صحيح!”
غير قادرة على احتواء غضبها، ضربت أراسيلا القضبان الحديدية، ثم توقفت مؤقتًا، ونظرت إلى أختها.
كما خفضت إيريس عينيها بتعبير مذنب.
“لولا ذلك، لكان الشخص الذي سيرث بيت الدوق هو داميان فاندرمير بدلاً من أوسكار…”
“هل تتحدثين عن زعيم فرسان الصقر الأحمر الذي غادر مؤخرًا إلى الشمال بسبب خيانة أخيه؟”
“نعم، لقد اكتشفت ذلك بعد الزواج. كان زوجي يقاتل من أجل الخلافة مع أخيه الأصغر. لذلك …”
قبل أن تتمكن من إنهاء جملتها، غطت إيريس فمها على عجل وسعلت.
ربت أراسيلا على كتف أختها بقلق.
“هل أنت بخير يا أختي؟ لو كنت أعرف، لكنت تزوجت بدلا منك. لو كنت أنا، لكنت مزقت شعر ذلك الدوق اللعين وقطعت أصابعه حتى لا يتمكن من ارتكاب الخيانة. “
تمتمت بأسف حقيقي.
وفي الوقت نفسه، فقدت عيون إيريس الصيفية الخضراء، والتي بدت مثل اليشم الذائب، بريقها وأصبحت غائمة.
“آري… لدي طلب أخير…”
انحنت أراسيلا نحو أختها، واستمعت باهتمام إلى صوتها، الذي بدا وكأنها ستفقده في أي لحظة.
“أخبري والدينا وأدريان أنني آسفة. واعتني بهن.”
“أختي…”
“يجب أن أذهب الآن.”
دخل جندي وفتح الباب وأمسك بذراع أراسيلا.
حاولت المقاومة، كان لا يزال لديها ما تقوله، ولكن في النهاية تم جرها للخارج بسبب قبضته القوية.
وبعد بضعة أيام، تم إعدام إيريس كزوجة خائن.
أراسيلا امسكن بالصحيفة التي تحتوي على نعي أختها، وهي تبكي.
“هذا غير عادل. أختي لم تعرف أي شيء. كان يجب أن اتزوج بدلا منها، كان يجب أن تكون انا من …”
كررت بندم .
• * *
في وقت متأخر من الليل، داخل قصر فيسكونت هوغو .
“آه!”
شهقت أراسيلا وفتحت عينيها.
كان جسدها كله غارقًا في العرق البارد، مبلّلًا الملاءات.
جلست فجأة وهي تشد على ملاءة السرير وتنظر حولها.
حتى في الظلام، استطاعت رؤية المنظر المألوف لغرفتها.
“ما كان هذا؟ منذ لحظة واحدة فقط، كنت…”
كانت في حداد على وفاة أختها، وتبكي على الأرض.
وببطء في استيعاب ما يحدث، رمشت بسرعة فوق عيناها الزرقاوان الدامعتين.
كان قلبها يتسارع بسرعة وبشكل غير منتظم.
جلست أراسيلا على السرير كعادتها، وهي لا تزال بملابس النوم. وسرعان ما أدركت.
“لقد كان حلما.”
لقد رأت مستقبل أختها في المنام.
كانت تمتلك قدرة فريدة على الحلم بالأحداث المستقبلية للآخرين، ولم تقتصر رؤيتها على احداثها فقط.
الجانب السلبي هي أنها لم تتمكن من التحكم في الوقت الذي تحلم فيه.
إذ تبين أن حلم اليوم كان دقيق جدا، فقد مرت خمس سنوات منذ آخر حلم تنبؤي حلمته .
بعد أن حلمت بالمستقبل، طاقتها السحرية
ارتفعت دائما كما الآن.
وضعت يدها بالقرب من قلبها وتأكدت طاقتها السحرية الداخلية، كانت أراسيلا متأكدة.
عندما رأت طاقتها السحرية تغلي، اقتنعت أنه حلم تنبؤي.
أراسيلا، التي أخفت قدراتها السحرية ببراعة، سرعان ما شددت تعبيرها بجدية.
“ولكن هذا يعني أن أختي ستموت قريبًا في المستقبل، أليس كذلك؟”
لم يبدو كل من إيريس وأراسيلا في الحلم مختلفين عن شكلهما الحالي.
وهذا يعني أن كل ما سيحدث من المرجح أن يحدث في غضون بضع سنوات على الأكثر.
“لا، لا أستطيع أن أترك ذلك يحدث. يجب أن أمنع أختي من الزواج.”
ولكن كيف يمكنها إيقاف زواج أختها المدبر من الدوق فانديمير؟
أشعلت أراسيلا شموع الغرفة باستخدام السحر وهي غارقة في التفكير.
أولاً، يمكنها التهديد بفضح عيوب أوسكار فانديمير والمطالبة بإلغاء الزواج المدبر.
“لكن … لا، فاندرمير لديه القدرة على قمع معارضتنا.”
إذا كان استمرار خلافة فانديمير مرتبط بالزواج المدبر، فإن الزواج سيحدث بغض النظر عن أي شيء.
حتى عائلة الكونت هوغو، بجذورها العميقة وسمعتها العريقة، لم تكن لتستطع تحمل مواجهة الدوق القوي فانديمير، الذي يعتبر من قمة الركائز الثلاث الداعمة للإمبراطورية.
لذا، الحل الثاني ، أن تتزوج أراسيلا هوغو من أوسكار فانديمير.
على الرغم من أن أراسيلا ظلت عانسًا لبعض الوقت، إلا أنها تستطيع الزواج إذا كان الأمر يتعلق بحياة أختها.
لكن،
“أنا لست واثقة من هذا الامر.”
بمجرد أن فكرت في الأمر، لم يكن لديها الثقة أنها إذا واجهته لن تضربه أو تقتله .
وتكهنت بإيجاز بالعقوبة التي ستتلقاها إذا قتلت أوسكار فانديمير.
يتم معاقبة من يقتل نبيل بالسجن لمدة ثلاثين عامًا على الأقل، وإذا تم تقديم التماس من الدوقية، فمن المرجح أن تزيد شدة العقوبة.
تنهدت وهي تفكر :”حتى بمساعدة فريدريك، لن تتم تبرئتي، أليس كذلك؟”
ثم ستقضي أراسيلا أكثر من ثلاثين عامًا متعفنة في السجن.
لقد كان مستقبلًا صعبًا للغاية بالنسبة لها، حيث كانت لديها الكثير من الأحلام التي تريد تحقيقها.
وثالثا وأخيرًا ، ان تتزوج أراسيلا هوغو من فانديمير آخر.
“لولا زواج اختها في الخلن اوسكار، لكان الشخص الذي يرث بيت الدوق هو داميان …”
‘هل تتحدثين عن زعيم فرسان الصقر الأحمر الذي غادر مؤخرًا إلى الشمال بسبب خيانة الدوق؟’
على وجه التحديد، ذكرت اختها فانديمير الذي يعمل كقائد لفرسان الصقر الحمر.
“أنا لا أريد الزواج خصوصا من فارس، ولكن…”
لكن الأخوين فاندرمير كانا الخيارين الوحيدين، لذا كان عليها أن تختار بين أوسكار أو فاندرمير الآخر.
أراسيلا، التي كانت تفكر لفترة طويلة إذا كانت هناك طريقة أفضل، اتخذت قرارها عند الفجر.
“هذا هو الخيار الأفضل. سامضي في الأمر على عماي واتزوجه.”
وبعد ان اتخذت قرارها، أعلنت لعائلتها وقتما اجتمعوا جميعًا لتناول الإفطار : “أمي، أبي، أختي، أدريان. انا سأتزوج. و العريس هو فاندرمير.”
بالأحرى أبلغتهم بالأمر لم تستشرهم
سرعان ما تحول وقت تناول الطعام الهادئ في ملكية هوغو إلى حالة من الفوضى.
“عزيزتي آري، هل أنت في كامل وعيك . ما هي المشكلة التي اوقعت نفسك فيها الآن؟ كوني صادقة مع أمك.”
“آرا، هل تشعرين بتوعك؟ جاكسون، اذهب واتصل بطبيب العائلة.”
“لا تتزوجي الان يا أختي! أنت لا تزال صغيرة جدًا!”
انهت عائلتها تعليقاتهم الممزوجة بعدم التصديق والقلق.
بعدها تحدثت أراسيلا بهدوء: “جاكسون، لا تتصل بالطبيب لأنني لست مريضة وانا في كامل وعيي لأنني
مستيقظة منذ الفجر. ولم أوقع نفسي أي مشكلة، كما يا أدريان انا أبلغ من العمر واحد وعشرين عامًا يعني عمر يكفي للزواج.”
ومع ردها الجاد، أصبحت امها السيدة هوغو جادة أيضًا، حيث وضعت الأطباق.
“لماذا غيرت رأيك فجأة؟ الست انت من اكلت رأسنا بكونك لن تتزوجي ابدا ؟ ألم تكن تلك انت
؟.”
“لقد ماتت تلك الأراسيلا من ذلك الوقت وولدت واحدة جديدة الآن تريد الزواج بشدة، وقد تصاب بالجنون اذا لم تتزوج”.
مع عنادها، رأت السيدة هوغو تشابهًا مع شخصيتها القديمة -التي تقول انها ماتت – قبل ثلاث سنوات وهي تتحدث بوقاحة.
“أمي، أبي، أختي. لن أتزوج ليكن بعلمكم وسينتهي بي الأمر مدفونة في قمة برج السحرة، ليكن بعلمكم. “
تمامًا كما حدث في ذلك الوقت، تسببت بإعلانها الغريب في ارتفاع ضغط دمهم، و بعد كل هذا الوقت، ظلت على رأيها.
“آري، ولكن لماذا تريدين الزواج من عائلة فانديمير؟ الا تكرهين الفرسان لأنك ساحرة ؟”
“صحيح! لقد توارثت كرههم منكم اذكر مرة أخبرتني ألا أتعلم فن المبارزة، أتذكرين؟”
بينما قامت الليدي هوغو بتهدئة غضبها المتصاعد برشفة من الماء، ثم تدخل اللورد هوغو وأدريان لتهدئتها.
اشتهرت إمبراطورية سيترون بأن علاقة سحرتهم وفرسانهم متوترة .
قامت العائلة الإمبراطورية برعاية كلا الفصيلين بالتناوب لأجيال لإبقائهما تحت السيطرة.
لكن لديهم تاريخ طويل من العداء، وكانوا يتنافسون باستمرار للحصول على اليد العليا.
“سأجري استثناءً لفانديمير.”
“لماذا…؟ آري، هل تلتقين سرًا بابن من عائلة فانديمير…؟”
الشكوك المعقولة التي قالتها إيريس جعلت أراسيلا تهز رأسها نافية:”لا؟ لا أعرف حتى أسماء أبنائهم بالضبط، ولم أر وجوههم بعد”
وأعقب ذلك صمت عميق. نظرت عائلة هوغو إلى أراسيلا بذهول وهم غير قادرين على الكلام، وتبدو على وجوههم الحيرة.
أراسيلا، ابتلعت طعامها بثبات، ومسحت فمها بمنديل وابتسمت ببراعة: “هناك زواج مظبر يجب أن يحدث بين عائلتنا وبيت الدوق فانديمير ، أليس كذلك؟”
“نعم، ولكن كيف عرفت ذلك…؟”
اتسعت عيون اللورد والسيدة هوغو. لقد اندهشوا من أن ابنتهم الثانية عرفت شيئًا عرفوه للتو ويقلق راحتهم زالوا .
“سألتقي يابن عائلة فانديمير قريبًا، لذا انا سأهتم بهذا الزواج المدبر اتركوا لي الامر “
“ثم عن اذنكم.”
تركت أراسيلا عائلتها الحائرة خلفها، وعادت إلى غرفتها بخطوات سريعة.
وكتبت رسالة وسلمتها لخادمتها أودري.
“أرسلي هذا إلى داميان فانديمير.”
يجب ان ألقي نظرة على وجه العريس المنتظر.